مشرّعون: مشروع قانون الإجراءات الجنائية علامة فارقة في حقوق الإنسان بإندونيسيا
مشرّعون: مشروع قانون الإجراءات الجنائية علامة فارقة في حقوق الإنسان بإندونيسيا
أكد عضو اللجنة الثالثة في مجلس النواب الإندونيسي، ريكوانتو، أن مشروع تعديل قانون الإجراءات الجنائية (KUHAP) رقم 8 لعام 1981، سيشكّل "علامة فارقة في مجال حقوق الإنسان"، وذلك بعد عقود من المطالبات بإصلاح شامل لمنظومة العدالة الجنائية في البلاد.
وفي تصريحاته خلال جلسة برلمانية عقدت في مجمع البرلمان بالعاصمة جاكرتا، أشار ريكوانتو إلى أن مشروع القانون الجديد الذي من المقرر الانتهاء من إعداده بحلول عام 2025، يمثل "خطوة مفصلية في تحديث النظام القضائي الإندونيسي وضمان التوازن بين إنفاذ القانون واحترام حقوق الإنسان"، بحسب ما ذكرت صحيفة "صوت إندونيسيا"، اليوم الثلاثاء.
وقال النائب عن فصيل حزب غولكار إن مشروع القانون يهدف إلى تعزيز العدالة وتوفير اليقين القانوني، ولا سيما لأولئك الذين يواجهون النظام القضائي، مؤكداً أن هذه التعديلات ستحدث فرقاً حقيقياً في ممارسات التحقيق والمحاكمة والاحتجاز، حيث تسعى إلى ضمان حماية حقوق المتهمين وعدم المساس بكرامتهم الإنسانية أثناء العملية القضائية.
وأوضح أن اللجنة الثالثة في البرلمان شرعت بتشكيل لجنة عمل (Panja) معنية بصياغة ومناقشة المشروع بعد أن تسلمت رسمياً قائمة الجرد التفصيلية للمشكلات (DIM) من الحكومة، وهي القائمة التي تُعد الأساس للنقاشات التقنية حول المواد القانونية التي سيتم تعديلها أو حذفها أو إضافتها.
لجنة منفتحة على المجتمع المدني
أوضح ريكوانتو أن لجنة العمل المنبثقة عن اللجنة الثالثة ستبقى منفتحة على كافة الاقتراحات والملاحظات من جميع المعنيين، سواء من الحكومة أو منظمات المجتمع المدني أو الأكاديميين والمراقبين القانونيين، قائلاً: "سنستمع بعناية إلى كل من يحرص على تطوير العدالة الجنائية في إندونيسيا، ونرحب بأي مدخلات تسهم في تعزيز التوازن بين سلطة إنفاذ القانون وحقوق الأفراد".
وأشار إلى أن هذا التوازن يمثل جوهر فلسفة التعديل الجديد، موضحًا أن هناك ضرورة لإعادة النظر في كيفية تعامل السلطات مع المشتبه بهم والمتهمين، بما يتماشى مع المبادئ الدولية لحقوق الإنسان.
حقوق الإنسان كأولوية
أبرز ريكوانتو أن مشروع التعديل يأتي استجابةً لدعوات طويلة الأمد من المؤسسات الحقوقية والأوساط القانونية لإعادة هيكلة قانون الإجراءات الجنائية، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من أربعة عقود، قائلاً: "إن تطبيق القانون يجب ألا يكون منفصلاً عن القيم الإنسانية، بل يجب أن يعكس احترام الدولة للمواطنين ولحقوقهم الأساسية".
وشدد على أهمية أن يُراعي مشروع القانون الجديد التحديات الحالية التي تواجه نظام العدالة، بما في ذلك قضايا الاحتجاز التعسفي، والاستخدام المفرط للصلاحيات من قبل سلطات إنفاذ القانون، وعدم كفاية ضمانات المحاكمة العادلة.
يأتي هذا التحرك البرلماني في ظل جهود وطنية متزايدة لإصلاح المنظومة القانونية في إندونيسيا، بما يشمل مراجعة قوانين العقوبات، ومكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية القضائية. كما تتوافق التعديلات المرتقبة مع التزامات جاكرتا الدولية، ولا سيما ضمن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقيات الأمم المتحدة الأخرى ذات الصلة.
آفاق التعديل
ينظر العديد من المراقبين القانونيين في إندونيسيا إلى مشروع تعديل قانون KUHAP على أنه فرصة تاريخية لمعالجة الثغرات القانونية التي تسببت في ممارسات غير عادلة أو تعسفية في الماضي، حيث يعوّل عليه في تعزيز استقلال القضاء، وضمان حقوق الدفاع، وتقوية آليات الرقابة على عمل الشرطة والادعاء العام.
وفي ختام تصريحاته، قال ريكوانتو: “إن شاء الله، سيكون قانون الإجراءات الجنائية الجديد رمزًا لتوازن حقيقي بين إنفاذ القانون والكرامة الإنسانية، ونأمل أن يمثل بداية لعصر قانوني أكثر عدالة وإنصافًا في إندونيسيا”.
قانون الإجراءات الجنائية
يُعد قانون الإجراءات الجنائية الإندونيسي المعمول به حالياً (رقم 8 لسنة 1981) من أقدم القوانين في المنظومة القانونية الإندونيسية.
وتعرض هذا القانون خلال العقود الماضية لانتقادات واسعة بسبب افتقاره الضمانات القانونية الكافية للمتهمين، وسهولة استخدامه من قبل السلطات الأمنية لقمع الحريات.
وتأتي عملية التعديل الحالية استجابة لمطالب محلية ودولية لتحسين بيئة العدالة وضمان احترام الحقوق الأساسية لجميع المواطنين.